الوجه الآخر للأزمات الاقتصادية؟ وكيف تستفيد منه المنشآت والمؤسسات الصغيرة والريادية؟
ماذا تفعل حين يتجه السوق إلى الركود، الضعف أو الانهيار، ما هي خطتك لتجاوز الأوقات العصيبة؟ أفكار بسيطة من شأنها أن تساعدك على الخروج من الأزمة أقوى مما دخلتها، فقط إذا أحسنت صنع المزيج الخاص بك… والحل في هذا المقال عن الوجه الآخر للأزمات الاقتصادية، وكيف تستفيد منه المنشآت والمؤسسات الصغيرة والريادية…
عن انخفاض الأسعار
بشكل مبسط تتسبب موجات غلاء الأسعار أو ركود الأسواق في تباطؤ حركة البيع والشراء، ومن ثم زيادة المعروض فتبدأ الأسعار في الانخفاض أكثر… البعض يرى ما سبق ضرر بالغ وخسارة أكيدة، بينما أفضل أن أراه “فرصة” للحصول على أصول ذات قيمة عالية بثمن عادل أو منخفض. تدني الأسعار سيجعلك قادرًا على شراء قطعة أرض أكبر والتوسع في خطوط إنتاجك/خدماتك، تحديث ماكينات وخطوط الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة، الحصول على عروض خاصة للصيانة والتأمين، استقدام عمالة فنية عالية الخبرة برواتب في متناولك، إنشاء موقع بيع إلكتروني بكلفة غير باهظة، الحصول على خصومات سعرية من الموردين بشروط أفضل للسداد.
هنا سؤال إجباري: لماذا سأتوسع أو أقوم بتحديث معداتي بينما السوق فعليًا يتهاوى؟! هذا يقودنا إلى النقطة التالية…
مرحلة فرد العضلات
تحدث الأزمة – أيًا كان نوعها – وتدور الدائرة، ركود، انخفاض أسعار، ركود أكثر، مزيد من الانخفاض… ثم المحطة النهائية “الكساد” كما حدث في الكساد الكبير في أميركا في ثلاثينيات القرن العشرين. في هذا الوقت عادة ما تلجأ الشركات الكبيرة ذات الموارد والمصروفات الكبيرة إلي عدة إجراءات لتقليل الخسائر، فتقوم بتخفيض عدد خطوط الإنتاج، تسريح العمالة، التخلص من بعض المنتجات/الخدمات التي لا تربح، الانسحاب من أطراف المدن والتركيز على الأسواق الرئيسية… هنا نجد فرصة كبيرة لمن كان مؤهلًا للدخول وملء هذا الفراغ الذي تركه حيتان السوق الكبار، الذين تصعب منافستهم جدًا جدًا في ظروف السوق في وضعها المستقر، حيث المنافسة Throat Cutting Competition القاطعة للرقاب حرفيًا.
إذا تحليت بالمرونة اللازمة فستتمكن من الحصول على حصة جيدة من السوق وفي أصعب الأوقات، وسط منافسة شبه منعدمة وهو ما يؤسس لعلاقات طويلة الأمد مع عملائك، اهتم بالأسواق البعيدة والتي تتجاهلها الشركات العملاقة، أسس علاقات وروابط شخصية متينة مع عملائك، وحالما يستعيد السوق عافيته وتدور حركة البيع والشراء من جديد سيكون لك مكانًا محجوزًا في القمة.
لكن الكلام دومًا سهل، فكيف نقوم بتطبيق ما سبق إلى خطوات عملية بسيطة؟
الاهتمام بالتفاصيل
سر نجاحك في عبور هذه الفترة العصيبة يكمن في الاهتمام بالتفاصيل، الكثير والكثير من التفاصيل الصغيرة التي لا ننتبه لها في زحام أيام العمل الجيدة.
-
النفقات
ثروات الأمم قائمة على الادخار، والعلم المعني بحركة البيع والشراء اسمه “اقتصاد”، التحكم في نفقاتك وإبقاء عين عليها بصفة مستمرة، جزء هام من نجاح هذه الخطة فلا قيمة لأي مبيعات تحققها إذا لم يصاحبها تدفقات نقدية بنفس القيمة.
-
الاهتمام بعملائك
إضافة اللمسة الشخصية في عملك له تأثير السحر، لا تجعل الأمر قائمًا على البيع والشراء فقط. اللمسة الشخصية ستحول عملائك إلى أصدقائك وحينها ستشعر بالاختلاف، وستكسب عميلاً مستديمًا يثق بك.
-
اصنعها لنفسك
إذا كنت تبحث عن تقديم منتج/خدمة بشكل قيم وفريد، يساعد على بناء هوية واضحة وأصيلة ومميزة فلا مفر من أن تقدمها أو تصنعها كما لو كانت لنفسك. وهذا يجعلك توجه انتباهك لكامل العمليات التي يمر بها منتجك وحتى يصل إلي يد العميل.
التركيز على التفاصيل الصغيرة، هو بوابتك للنجاح والتميز. ولا يتوقف عند دورة تصنيع منتج أو خدمة، بل المفترض أن يمتد ليشمل كافة العمليات بالمؤسسة. ويجب أن يتم تشجيع العاملين والشركاء معك لإبداء رأيهم في كل موضوع وطرح بدائل من عندهم… وهو ما يخلق مناخ إيجابي فعال جدًا خاصة في الأيام الصعبة.
والآن حيث نصل إلى أداة أخرى فعالة تساعدنا على خلق هوية واضحة وسط المتنافسين في السوق…
اصنع صوتك المميز
في عالم السوشيال ميديا وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع والمدونات، بات من الصعب أن تباشر أعمالك متجاهلًا هذه الأدوات القيمة. حتى إذا كنت لا تمتلك نموذجًا للبيع من خلال شبكة الإنترنت، فالعملاء المحتملون يريدون أن يعرفوا عنك بشكل مبسط، ماذا تبيع؟ كيف يتواصلون معك؟ تجارب سابقة لأعمالك… الناس تحب القصص والحكايات الجميلة، فما هي قصتك؟!
مثلما تنبه صناع السينما إلى أن المشاهدين يحبون مشاهدة ما خلف الكواليس أو تصوير التصوير نفسه، فبالمثل حدثت نفس الطفرة في قطاعات كثيرة أصبح فيها الناس مهتمة بخلفيات الأحداث والوقائع لكل ما يهتمون لأمره، مبارايات كرة القدم وصفقات الأندية، تصنيع المشروب المفضل، اختبارات السلامة لموديلك المفضل من السيارات، بل حتى الأفلام الوثائقية بخصوص النحل وتلقيح المحاصيل لها مشاهدوها المعجبون! الجمهور يريد أن يعرف قصتك، ووسائل الإعلام الاجتماعي والشبكات توفر لك الوسط المناسب، فلا تحتاج إلا المحتوى الجيد وهذا ستصنعه من واقعك.
ابن روابط وثيقة مع عملائك المحتملين بقصص من كواليس عملك، علاقتك بأفراد العمل، نمط الإدارة، مراحل عملية إعداد المنتج، حتى التجارب الفاشلة هناك صيغة لتحويلها إلى قصص على غرار “ما الذي تعلمناه من فشل المنتج الأخضر؟”، “كيف قدمنا أفضل قيمة في المنتج الأحمر؟”، لا حصر للأفكار التي يمكن أن تستلهمها من بيئة العمل ذاته، وبقليل من الخيال والمرح والدعابة سوف تمتلك صوتًا مميزًا وسط زحام الآخرين.
المدونات سلاح فعال للغاية في بناء العلامات التجارية، خاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة أو المشروعات الريادية، أيًا كان مجالك فستجد ما تتكلم عنه في مدونة مرتبطة بموقعك الإلكتروني، ولا تحاول أن تقوم بالبيع عبر مدونتك بل استخدمها لإثراء النقاش فيما يتعلق بما تقدمه أنت من قيمة عبر المنتج أو الخدمة… لماذا منتجك/خدمتك ضرورية في المقام الأول؟ ماذا يميزك عن الآخرين؟ ما الذي سأحصل عليه بشراء هذا المنتج؟ انشر تدوينات عن الخبرات المختلفة أو المزايا المصاحبة لاستخدام منتجاتك، ولا تنس ان تحافظ على نبرة الصوت التي تكلمنا عنها في الفقرة السابقة وحتى إن أخطأت قليلاً خذ الأمور بمرح واعتذر لجمهورك وسوف تتحول الأمور بشكل إيجابي.
مازلنا مع كيفية الاستفادة من الظروف الاقتصادية السيئة، وكيف يمكننا أن نستغل صغر الحجم النسبي للتحلي بالمرونة الكاملة وكيف نستفيد منها؟
ابق صغيرًا
في هذه المرحلة فالبقاء صغيرًا – بشكل نسبي – مزية، إن أحسنت استعمالها ستكون لها نتائج إيجابية ملموسة على المدى القريب… صغر الحجم النسبي للشركات والمؤسسات أو المنشآت الصغيرة والفردية، عامل شديد المرونة والفاعلية في الأوقات العصيبة لا تمتاز به الكيانات والمؤسسات الضخمة. يمكن لصاحب المنشأة الصغيرة أن يتخذ قرارًا فوريًا بوقف أحد خطوط الإنتاج، أو تعديل الحملة التسويقية لسبب طارئ، أو الدخول الفوري لأحد الأسواق بسبب فرصة لاحت في الأفق. بينما في الشركات الكبيرة قرار مثل هذا يحتاج من أسبوعين لثلاثة حتى يمكنهم تحديده ووضعه قيد التنفيذ، خاصة مع حجم أعمال بالملايين مما يجعلهم يتحسبون جيدًا لكل قرار قبل اتخاذه.
مالم يكن النمو مفروضًا عليك من واقع نمو عمليات شركتك أو منشأتك أو لفرصة أكيدة ظهرت فجأة، فابق صغيرًا واستثمر مميزات هذا الوضع.
المصدر: Arageek.com