التسويق

نجاح وفشل: هكذا استغلت الشركات العالمية شهر المرأة تسويقيًا

نجاح وفشل: هكذا استغلت الشركات العالمية شهر المرأة تسويقيًا

يمكن اعتبار شهر مارس من كُل عام شهرًا للمرأة، ففيه أكثر من مناسبة تهدف إلى تقدير دور المرأة ومكانتها في الأسرة والمجتمع، وتعبيرًا عن الاحترام والتقدير والحُبّ نحوها، فيعود تاريخ إحياء يوم المرأة العالمي/IWD، الذي يصادف الثامن من مارس من كل عام، إلى أكثر من قرن من الزمان.

ولكن دعمه هذا العام تحديدًا قد يبدو ملائمًا بشكل خاص للشركات والعلامات التجارية؛ لكي تظهر مدى حرصها على مكانة ووضع المرأة في المجتمع، حيث أنّه أول IWD منذ بدأ حركة #MeToo سريعة الانتشار، مما دفع إلى إعادة تقييم مدى حاجة الشركات للمرأة العاملة.

وعليه فقد شاركت العديد من كُبرى الشركات والعلامات التجارية العالمية بدورها في هذه الاحتفالات على طريقتها الخاصة، عن طريق قيامها برصد و تحليل وفهم الأحداث الجارية، معتمدةً على إستراتيجية Real-Time Marketing – التسويق اللحظي، واستغلال News Jacking – اصطياد الأخبار.

ولكن حتى في المناخ الحالي، والذي يظهر أنّ الجمهور يتقبل بشكل خاص رسائل تمكين المرأة، يجب على العلامات التجارية أن تتعامل بحذر عند اقترابها من هذا الأمر، فقد كان هناك نقد على طريقة تفاعل بعض العلامات التجارية مع يوم المرأة.

وإليك كيف احتفلت بعض من أبرز العلامات التجارية العالمية بيوم المرأة العالمي، سواءً فعلتها بطريقة أصابت الهدف، أو جانبها الصواب، فحصدت سيلًا من الانتقادات اللاذعة:-

أولًا – شركات لاقت الاستحسان والإشادة بحملاتها الترويجية:

Uber

أصدرت تطبيق النقل الجماعي Uber فيديو في الأسواق الآسيوية، ضمن حملتها الدعائية #DrivenWomen، يسعى إلى دحض الأساطير حول السائقات الإناث هناك، وستكون الحملة مباشرةً عبر أسواق أوبر الرئيسية في آسيا، بما في ذلك سنغافورة، وماليزيا، وتايلاند، والفلبين، وفيتنام، وهونغ كونغ، وتايوان.

 

وقال Eshan Ponnadurai، مدير العلامة التجارية لأوبر في آسيا والمحيط الهادئ:-

“إنّ المقطع المصور يتماشى مع الحدث العالمي لهذا. ألا وهو يوم المرأة العالمي، ويسعدنا عرض هذا الفيلم، الذي يضم شركائنا من السائقات الإناث اللواتي يتحدن الوضع الراهن من خلال العمل مع أوبر. إنّه يسعى لبدء حوار حول كيفية تمكين النساء”.

المقطع المصور يجمع بين النساء اللواتي اخترن الانضمام إلى أوبر كطريقة لكسب الدخل، مع تحقيق التوازن بين المسؤوليات الأخرى، مثل: الأسرة والعمل والتعليم.


Nike

قد يكون حفل جوائز الأوسكار لعام 2018 قد هيمنت عليه رسائل عن النساء، لكن الفنانين لم يكونوا الوحيدين في ذلك، فخلال فترة الاستراحة التجارية، أطلقت شركة Nike أحدث إعلاناتها التجارية (NKE, +1.83%) الذي يضمّ نجمة التنس الأمريكية Serena Williams – سيرينا ويليامز، ويقوم على فكرة الاحتفال بالمرأة.

عبر عرض لقطات لويليامز طوال مسيرتها المهنية، حيث تتحدث عن كم الانتقادات التي تعرضت لها بحجة عدم جدارة المرأة، وقد رددت قولها في الإعلان:-

“أقوم بإثبات مرارًا وتكرارًا أنّه لا توجد طريقة خاطئة لأكون امرأةً”.

مع انتهاء الإعلان، تظهر الكلمات “حتى نفوز جميعًا” على الشاشة.

في بيان حول الإعلان، قالت وليامز أنّها لم تبدأ في لعب التنس مع نية واضحة في كسر الحواجز، لكن بمرور الوقت، أصبحت أكثر وعيًا بمدى التأثير الذي يمكنها أحداثه، وأصبحت أكثر وعيًا بما يجب فعله لإحداث فرق.

وقال بيان لشركة Nike:

“إنّ الشركة تريد الاعتراف والاحتفال بمساهمات وإنجازات المرأة في كل مكان، وجاءت هذه المشاركة إيمانًا منّا بالمساواة بين الجنسين. إنّ حفل جوائز الأوسكار كان مناسبةً مثاليةً لإطلاق إعلاننا الجديد؛ لأنّ الرسائل لها صداها بشكل جيد في هوليوود”.

Mattel

دشنت شركة Mattel – ماتيل منتجات جديدة خلال احتفاليتها باليوم العالمي للمرأة، فكشفت النقاب عن 17 نموذجًا جديدًا من دميتها الشهيرة Barbie – باربي بهذه المُناسبة، لمجموعة من الشخصيات النسائية الحقيقية – في الماضي والحاضر – اللواتي يمثلن قدوةً للفتيات، وأطلقت على مجموعتها الجديدة The Inspiring Women – نساء ملهمات.

وتتضمن سلسلة نساء ملهمات من باربي معلومات تربوية حول المساهمات التي قدمتها كل امرأة منهن للمجتمع، بحيث يمكن للأطفال التعلم أثناء اللعب.

Mattel Barbie Role Models

وذلك تكريمًا لرموز نسائية شهيرة، مثل: Amelia Earhart – أميليا إيرهارت رائدة الطيران الأمريكية، وKatherine Johnson – كاثرين جونسون عالمة الرياضيات لدى ناسا، كما حصلت شخصيات معاصرة اليوم، مثل: المخرجة Patty Jenkins – باتي جينكينز، و بطلة أولمبياد التزلج على الثليج Chloe Kim – كلو كيم، والفنانة Frida Kahlo – فريدة كاهلو على الدمى الخاصة بهم.

وعن هذا صرحت Lisa McKnight – ليزا ماكنايت، المدير العام لباربي، وقالت في بيان لها:-

“لقد كانت الفتيات دائمًا قادرات على لعب أدوار مختلفة ومهن مختلفة مع باربي، ونحن سعداء لإلقاء الضوء على نماذج تمثلن قدوةً حقيقيةً لتذكيرهن بأنّهن يمكن أن يكونوا أي شيء يريدونه”.

ويستند قرار شركة ماتيل لصنع مجموعة الدمى تلك على دراسة استقصائية عالمية، أجرتها على 8000 أم، أكدت  86٪ من المشاركات فيها أنّهن قلقون بشأن القدوة الحسنة التي يجب تقديمها لبناتهن.

يبدو أنّ النماذج الجديدة لباربي والخاصة بشركة ماتيل، قد جاءت مُتوافقةً تمامًا مع الحدث، ومع صورة العلامة التجارية لدى جمهورها.

لكن لسوء الحظ، فإنّ معظم الدمى فريدة من نوعها، ولن تكون متاحةً للبيع، ويمكنك طلب عدد قليل منها مسبقًا من خلال موقع Mattel الإلكتروني، مقابل 29.99 دولارًا لكل شخص.


ثانيًا – شركات لاقت الاستهجان والسخرية من حملاتها الترويجية:

McDonald’s

لأول مرة في تاريخ علامتها التجارية، قامت سلسلة المطاعم الأمريكية الشهيرة للوجبات السريعة McDonald’s – ماكدونالدز، بقلب أقواسها الذهبية الشهيرة رأسًا على عقب باتجاه السماء، على Twitter و Instagram وقنواتها الرقمية الأخرى، لتصبح W والذي يرمز إلى الحرف الأول من كلمة  Women، بدلًا من حرف M، والذي تتخذه ماكدونالز شعارًا لها.

وذلك في 100 فرع لها بالولايات المتحدة الأمريكية، فضلًا عن قلبها لشعارها على كافة قنوات الإعلام الاجتماعي الخاصة بها على الإنترنت؛ لإحياء ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للمرأة.

وقالت ماكدونالدز في تغريدة نشرتها على صفحتها الرسمية:-

“اليوم نقلب الأقواس الذهبية؛ للاحتفال بالنساء اللواتي اختارتهم ماكدونالدز ليكونوا جزءًا من قصتهن، مثل: عائلة ويليامز في الولايات المتحدة، نحن نشعر بالفخر بأنّ 6 من بين 10 من مديري المطاعم لدينا هم من النساء”.

قد أوضحت المنسق الرئيسي للتنوع في السلسلة Wendy Lewis – ويندي لويس:

“أنّ الهدف من هذه الخطوة هو التأكيد على احترام الإنجازات غير العادية للنساء في كل مكان وخاصةً في ماكدونالدز، من طاقم المطعم والإدارة إلى القيادة العليا، حيث تلعب النساء أدوارًا لا تقدر بثمن على جميع المستويات، حتى كصاحبات امتيازات مستقلات”.

لكن البعض لم يكن معجبًا بحيلة عملاق الوجبات السريعة، حيث قرر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي السخرية من هذه الخطوة، بالنظر إليها كرمز فارغ، حيث غرد أحدهم قائلًا:

“الآن بعد أن تم قلبها إلى W لجعلها رمزًا للنساء، فإنّ عكسها سيجعل منه M للرجال إلى الأبد”.

https://twitter.com/FlyingFiretruck/status/971706885622546432

وفي الوقت نفسه، أشار مستخدمو تويتر الآخرين إلى نفاق السلسلة، التي تحتفل بيوم المرأة، بينما تستمر في دفع أجور متدنية لموظفيها، فقال أحدهم:

“يمكنك أيضًا توفير أجور ملائمة للعيش، ومزايا أفضل، ومساواة في الأجر، ومسارات مهنية منطقية أكثر للمستقبل، وإجازة أمومة مدفوعة الأجر، أو يمكنك قلب الشعار رأسًا على عقب”.

وهُناك مستخدم آخر اتخذ لهجةً مماثلةً، قائلًا في تغريدة له:

“ماذا عن دفعك الأجور للعمال؟ من شأن ذلك إثبات أنّك تكرّم المرأة وتحتفي بها فعلًا. لكن ما حدث هو حيلة دعائية، وكان بإمكانك استخدام الأموال التي تم إنفاقها من أجل منح العاملات مكافأةً أو زيادةً“.

https://twitter.com/jeremymartin72/status/971554932829704192?ref_src=twsrc%5Etfw&ref_url=http%3A%2F%2Ffortune.com%2F2018%2F03%2F08%2Fmcdonalds-international-womens-day-inverted-arches-backlash%2F

KFC

كنتاكي

بالطبع، لم تكن ماكدونالدز العلامة التجارية الوحيدة للوجبات السريعة التي سعت لاستثمار يوم المرأة العالمي تسويقيًا، فقد غيرت سلسلة كنتاكي فرايد تشيكن KFC للوجبات السريعة في ماليزيا، شعارها التاريخي الشهير، من Colonel Sanders – كولونيل ساندرز ليصبح Claudia Sanders – كلوديا ساندرز الزوجة الثانية له؛ للإشادة بدورها في صنع الدجاج المقلي المقرمش، مما ساعد كولونيل ساندرز على بناء KFC في علامة تجارية دولية.

وقال بيان لكنتاكي:

“ما كان لنا أن نتخيل KFC في مكانها اليوم، إن لم يكن لكلوديا، زوجة كولونيل ساندرز دورًا في ذلك، ففي حين أنّ كولونيل ساندرز هو الذي أوجد الوصفة السرية، وقام بتشغيل الشركة، كانت السيدة ساندرز تخلط وتشحن التوابل إلى المطاعم من جميع أنحاء البلاد، وغالبًا كانت تقوم بذلك في وقت متأخر من الليل”.

 

 

لها لم تكن المثال الجيد، فيذكر أنّ كلوديا كانت على علاقة بساندرز أثناء زواجه الأول، وبالرجوع لكتاب مارغريت ابنة ساندرز، المُعنون بـ The Colonel’s Secret: Eleven Herbs and a Spicy Daughter، نجد أنّها وصفت كلوديا بالتالي:

“لم يكن أبي فاسقًا أو منحلًا. مع ذلك كان لديه الرغبة الجنسية التي تتطلب وجود شريك صحي وراغب في العلاقة، وقد وجد كلوديا الشابة”

BrewDog

في حين أعادت شركة BrewDog البريطانية العملاقة لتصنيع البيرة، تسمية بيرة شعبية من Punk IPA إلى Pink IPA، موضحةً على الملصق أنّها “Beer for Girls – بيرة للبنات” غير أنّها زعمت أنّ تغيير العلامة التجارية جاء؛ لأنّ النساء يعجبهن اللون الوردي والبريق.

https://twitter.com/BrewDog/status/970969312424005634

ولكن الإنترنت لم يتجاوب، حيث فسره الكثيرون على أنّه خطاب  عنصري وسطحي ومُهين للمرأة، يدعو إلى التحيز الجنسي.

وهكذا، تكمن الصعوبات التي تواجهها إدارة التسويق عند وضع استراتيجيات التسويق، في بديهية الظن بأنّ الجماهير غبية بالضرورة، وستأخذ الرسائل التسويقية في ظاهرها دون تحليل، ولكن هذا غير صحيح بالمرة، في كثير من الأحيان، فإنّ محاولة أن تكون ذكيًا جدًا في حملاتك الدعائية، غالبًا يمكن أن تجعل العلامة التجارية غبيةً وحمقاءً، إذا لم تُحسن استخدام الأساليب الدعائية بشكل صحيح.

ففي مشهد إعلامي سريع الخطى، حيث توجد الأموال المستعصية الخروج من جيوب العملاء، فإنّ العلامات التجارية والشركات ليس عليها فقط أن تحاول فعل ما يفترض أنّه صحيح وموضوعي وعصري، وأن تتفاعل بسرعة في حملاتها الدعائية، لكن عليها أن تفعل ذلك بصورة متقنة جدًا، وغير ذلك سينتج عنه محاولات فاشلة لإيصال قضايا صحيحة ذهبت في الاتجاه الخطأ.

 

المصدر: Arageek.com